responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 646
فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ: لِيَجِيءْ مِنْكُمْ ثَلَاثُونَ وَمِنَّا ثَلَاثُونَ فَنُلْزِقُ أَكْبَادَنَا بِالْكَعْبَةِ فَنُعَاهِدُ رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ لَنَجْهَدَنَّ عَلَى قِتَالِ مُحَمَّدٍ فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِكَعْبٍ: إِنَّكَ امْرُؤٌ تَقْرَأُ الْكِتَابَ وَتَعْلَمُ وَنَحْنُ أُمِّيُّونَ لا نعلم، فأينا أهدى طريقا [1] ، نحن أم محمد؟ فقال كَعْبٌ: اعْرِضُوا عَلَيَّ دِينَكُمْ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: نَحْنُ نَنْحَرُ لِلْحَجِيجِ الْكَوْمَاءَ وَنَسْقِيهِمُ الْمَاءَ وَنَقْرِيِ الضَّيْفَ وَنَفُكُّ الْعَانِي وَنَصِلُ الرَّحِمَ وَنُعَمِّرُ بَيْتَ رَبِّنَا وَنَطُوفُ بِهِ وَنَحْنُ أَهْلُ الْحَرَمِ. وَمُحَمَّدٌ فَارَقَ دِينَ آبَائِهِ وَقَطَعَ الرَّحِمَ وَفَارَقَ الْحَرَمَ، وَدِينُنَا الْقَدِيمُ وَدِينُ مُحَمَّدٍ الْحَدِيثُ، فَقَالَ كَعْبٌ: أَنْتُمْ وَاللَّهِ أَهْدَى سبيلا مما عليه محمد وأصحابه، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ، يَعْنِي: كَعْبًا وَأَصْحَابَهُ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، يَعْنِي: الصَّنَمَيْنِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا: أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابِهِ هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ سَبِيلًا دينا.

[سورة النساء (4) : الآيات 52 الى 56]
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (55) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)
أَمْ لَهُمْ يَعْنِي: ألَهُمْ وَالْمِيمُ صِلَةٌ نَصِيبٌ حَظٌّ مِنَ الْمُلْكِ وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ، يَعْنِي:
لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الْمُلْكِ [2] شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ مِنَ الْمُلْكِ شَيْءٌ، فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً، لِحَسَدِهِمْ وَبُخْلِهِمْ وَالنَّقِيرُ: النُّقْطَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي ظَهْرِ النَّوَاةِ وَمِنْهَا تَنْبُتُ النَّخْلَةُ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هُوَ نَقْرُ الرَّجُلِ الشَّيْءَ بِطَرَفِ أُصْبُعِهِ كَمَا يَنْقُرُ الدِّرْهَمَ.
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ، يَعْنِي: الْيَهُودَ، يحسدون النَّاسَ، قَالَ قَتَادَةُ: الْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْعَرَبُ حَسَدَهُمُ الْيَهُودُ عَلَى النُّبُوَّةِ، وَمَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: أَرَادَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ: الْمُرَادُ بِالنَّاسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، حَسَدُوهُ عَلَى مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالُوا: مَا لَهُ هَمٌّ إِلَّا النِّكَاحُ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: عَلى مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَقِيلَ: حَسَدُوهُ عَلَى النُّبُوَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ، فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ، أَرَادَ بِآلِ إِبْرَاهِيمَ: دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ، وَبِالْكِتَابِ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [3] وَبِالْحِكْمَةِ النُّبُوَّةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً فَمَنْ فَسَّرَ الْفَضْلَ بِكَثْرَةِ النِّسَاءِ فَسَّرَ الْمُلْكَ الْعَظِيمَ فِي حَقِّ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ بِكَثْرَةِ النِّسَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَانَ أَلْفُ امْرَأَةٍ ثَلَاثُمِائَةِ حُرَّةٍ وَسَبْعُمِائَةٍ سُرِّيَّةٍ، وَكَانَ لِدَاوُدَ مِائَةُ امْرَأَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ سَكَتُوا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ، يَعْنِي: بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ، أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ، وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً، وَقُودًا، وَقِيلَ: الْمُلْكُ الْعَظِيمُ:
مُلْكُ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ رَاجِعَةٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَذَلِكَ

[1] في المطبوع «طريقة» .
[2] في المخطوط «الكتاب» .
[3] في المطبوع «إليهم» . [.....]
اسم الکتاب : تفسير البغوي - ط إحياء التراث المؤلف : البغوي، أبو محمد    الجزء : 1  صفحة : 646
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست